نبض الماضي . فكر الحاضر . عين المستقبل

تُجسد الجمعية العلمية الملكية دليلاً نابضاً على الرؤية الثاقبة والالتزام الراسخ لمؤسسيها، الذين أدركوا مبكراً الدور المحوري الذي ستلعبه العلوم والتكنولوجيا في رسم ملامح مستقبل الوطن. وجاء تأسيس الجمعية استجابةً للتغيرات العالمية الكبرى التي شهدها عقد الستينيات، وتماشياً مع تطلعات الأردن المتجددة، لتكون منارة للمعرفة والتقدم.

في حقبة تميزت بتحديات كبرى وتحولات جوهرية، اختار الأردن أن يسلك طريق الحداثة والاكتفاء الذاتي. وكان تأسيس الجمعية العلمية الملكية عام 1970 بمبادرة من صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال، وبموجب إرادة ملكية سامية من المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال، طيّب الله ثراه محطة مفصلية في مسيرة الأردن التنموية. وقد أُسست الجمعية كهيئة مستقلة غير حكومية وغير ربحية، واضعة نصب عينيها مهمة دعم التنمية الوطنية عبر تقديم المشورة الفنية الرصينة والخبرة العلمية المتخصصة.

استلهمت رسالة الجمعية منذ تأسيسها من الحاجة الملحة لتنمية الكفاءات الوطنية، وسد الفجوات المعرفية، وتعزيز التعاون العلمي الدولي. وفي ظل مساعي الأردن نحو التحديث، برزت الجمعية كمركز بحثي متعدد التخصصات، يدعم الابتكار التكنولوجي وينشر الثقافة العلمية. ومن خلال إنشاء مختبرات ومراكز أبحاث حديثة، ومبادرات تعاون واسعة، سعت الجمعية إلى تعزيز الاعتماد على الذات والمساهمة في الحوار العلمي العالمي.

Royal Decree
 

Royal Response

خلال مسيرتها، رسخت الجمعية العلمية الملكية مكانتها كمؤسسة رائدة، تستمد قوتها من إرثها العريق، وتواكب معطيات الحاضر بذكاء، بينما تواصل بثبات رسم ملامح المستقبل. وتواصل الجمعية حمل رسالتها المتمثلة في رعاية التميز العلمي، وتعزيز الابتكار، ودفع الأردن بخطى ثابتة نحو الازدهار القائم على المعرفة. ولا تزال هذه الرسالة تلهم الجمعية في مسيرتها المتواصلة، مسترشدة بروح التقدم وإرث مؤسسيها العريق.

ومع مضي الجمعية في رحلتها، تطورت مهمتها بما يتلاءم مع احتياجات الأردن المتجددة، حيث أصبح التزامها بالتنمية العادلة ونشر المعرفة هو القوة الدافعة لأعمالها. واتسع دور الجمعية ليشمل المساهمة الفاعلة في صياغة السياسات، ودعم الابتكار التقني، وتعزيز البحث العلمي، والتفاعل مع المجتمع. واليوم، تواصل الجمعية العلمية الملكية التزامها الراسخ بالمساهمة في بناء مستقبل أكثر إشراقاً للأردن.

وتبقى مسيرة الجمعية مصدر إلهام دائم، تذكرنا أن الانطلاق من الماضي يجب أن يترافق مع تركيز عميق على الحاضر، مدفوعين دائماً بإرادة لا تلين نحو مستقبل تظل فيه العلوم والتكنولوجيا مصدر قوة ونهضة للوطن وشعبه.

العلاقات المحلية

لطالما كانت الجمعية العلمية الملكية حجر الأساس الثابت في مسيرة تقدم الأردن، حيث أسهمت بشكل جوهري في دفع عجلة التنمية الوطنية وتعزيز روح الابتكار والتعاون. فعلى مدى عقود، حملت الجمعية راية التقدم العلمي، ولعبت دورًا محوريًا في رسم ملامح مستقبل الأردن. وقد تجلّى هذا الالتزام العميق من خلال مساهمتها البارزة في إعداد أول خطة ثلاثية للتنمية الاقتصادية في عام 1972، التي وضعت أسس الازدهار الاقتصادي. كما كان للجمعية دور أساسي في تحليل مخاطر الزلازل، مما أسهم في التقليل من آثارها البيئية، وأظهر حرص الجمعية على حماية سلامة الوطن. ويُعزز هذا الالتزام عملها الريادي في مجال الاستدامة، والذي تجسد في إصدار "دليل المباني الخضراء" لنشر الوعي البيئي وتشجيع التنمية المسؤولة.

وكانت الجمعية العلمية الملكية سبّاقة في إدخال أول جهاز حاسب إلى الأردن، مما أسهم في دفع قدرات المملكة نحو العصر الرقمي. كما قامت بتصميم نظام إذاعي مبتكر وحّد الأذان في أنحاء العاصمة عمّان، في تجسيد معبر للوحدة والابتكار معًا. وأطلقت الجمعية خدمة متخصصة لاختبار البرمجيات، لم تبرهن الجمعية فقط على كفاءتها التكنولوجية، بل ساعدت أيضًا في دعم نمو الصناعات المحلية من خلال ضمان جودة منتجاتها ومصداقيتها. وبينما تواصل جامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا تخريج أجيال جديدة من المبدعين، تظل الجمعية العلمية الملكية ركيزة أساسية في تشكيل المشهد التكنولوجي في الأردن، وتسهم في إعداد جيل من الكفاءات يقودون أجندة الابتكار الوطني بثقة واقتدار.

وفي صميم قصة الجمعية العلمية الملكية يكمن التزام راسخ بالاستدامة. فقد تركت مبادراتها المستدامة بصمة عميقة في حياة الأردنيين، بدءًا من ابتكار تقنيات إدارة المياه للحفاظ على الموارد الثمينة، وصولًا إلى إدخال حلول الطاقة المتجددة لتغذية المجتمعات بالطاقة النظيفة. وأسهمت الجمعية في تعزيز الوعي البيئي، وتمكين المجتمعات المحلية، وتبني الممارسات الصديقة للبيئة. ومن خلال هذه المبادرات الريادية، تسهم الجمعية في بناء وطن أكثر قدرة على مواجهة التحديات، وتؤسس لنهج وطني يعزز قيمة التعايش مع البيئة، وترسم ملامح إرث مستدام ينعم به الأجيال القادمة.

'بإرثٍ حافل بالمبادرات المؤثرة ورؤية تستشرف المستقبل، نحن ملتزمون بدفع عجلة التغيير الإيجابي من أجل شعبنا، ومنطقتنا، وعالمنا..'

صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال

العلم للتشبيك

في قلب المسيرة الحافلة للجمعية العلمية الملكية يكمن التزام عميق بإرساء شراكات واتفاقيات دولية تتجاوز الحدود الجغرافية وتسهم في دفع عجلة التقدم العلمي. ومن أبرز الأمثلة على ذلك استقبال وفود دولية رفيعة المستوى، بما في ذلك تنظيم لقاء حواري رفيع المستوى حول الاستدامة بحضور جلالة الملك تشارلز الثالث، ملك بريطانيا، وهو ما يعكس التزام الجمعية بترسيخ الحوارات العالمية حول القضايا المصيرية. كما أن استضافة الجمعية للمنتدى العالمي للعلوم في الأردن جسدت هذا الالتزام وأبرزت إصرارها على ربط العالم عبر اللغة العالمية للعلم. وتعزز ارتباطات الجمعية مع منظمات دولية مرموقة مثل المعهد الدولي لتحليل الأنظمة التطبيقية (IIASA)، والرابطة العالمية لمنظمات البحوث الصناعية والتكنولوجية (WAITRO)، هيئة العلوم والتكنولوجيا من أجل التنمية المستدامة في الجنوب (COMSATS)، والمجلس الأوروبي للأبحاث النووية (CERN)، حضورها الدولي ونهجها التعاوني.

على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تلعب الجمعية العلمية الملكية دور المركز الذي تتلاقى فيه الجهود التعاونية لمواجهة التحديات المشتركة. تلعب الجمعية دورًا رئيسيًا في المحافل الإقليمية الكبرى مثل أسبوع القاهرة للمياه، الذي يُعنى بقضايا الأمن المائي والتنمية المستدامة. كما يستخدم باحثو الجمعية منصة "ال مسرّع الضوئي الخاص بأبحاث العلوم التجريبية والتطبيقية في الشرق الأوسط " (SESAME)، التي تُعد منبرًا إقليميًا يجمع العلماء لإجراء بحوث متقدمة وتعزيز التعاون البحثي. وتسهم الجمعية في مبادرات إقليمية مثل "مينارت" (MINARET) و"نكست لاب" (Next-Lab) لتعزيز الابتكار ونشر المعرفة بما يخدم تطور المنطقة. كما تنظم الجمعية برامج تدريبية إقليمية منتظمة، تركز على مجالات الأمن الكيميائي والبيولوجي والإشعاعي والنووي، بما يدعم بناء منطقة أكثر أمانًا وازدهارًا

 

أما على المستوى المحلي، فتفخر الجمعية بدورها كمحرك رئيسي للتعليم والإرشاد، عبر رعاية وتنمية جيل جديد من العلماء والمهندسين والمبتكرين. تقدم الجمعية برامج تدريب وإرشاد واسعة النطاق، تتيح للمواهب الشابة التعلّم واكتساب الخبرات العملية في مختلف التخصصات. ومن خلال هذه المبادرات، نُمكّن العقول الواعدة من الإسهام في تنمية المجتمع ورفع مستوى الرفاه فيه. ولا تقتصر جهود الجمعية على القطاع الأكاديمي، بل تمتد لتشمل دعم المجتمعات المحلية، من خلال مشاريع تعزيز الممارسات المستدامة ونشر الوعي البيئي. ومن خلال الشراكة مع منظمات دولية مرموقة مثل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونسكو (UNESCO)، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسف (UNICEF)، والوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ)، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، تعمل الجمعية على توسيع أثرها المحلي، ناقلةً خبرات العالم إلى قلب الأردن.

مؤسسونا: البناء على الطموح والنمو من خلال الخبرة

يعود أصل الجمعية العلمية الملكية إلى مؤسسيها أصحاب الرؤى الذين وضعوا الأساس لمستقبل من التقدم العلمي والتنمية الوطنية. بطموح نحو دفع الأردن إلى الواجهة العالمية من الابتكار العلمي، يواصل مؤسسونا توجيه رحلتنا.

رؤساء سابقون

كان لمساهمات رؤسائنا السابقين دور محوري في رعاية التقدم وتعزيز ثقافة البحث العلمي. فقد مهدت قيادتهم الطريق لمبادرات مؤثرة وتطويراستراتيجية تستمر في تشكيل مسار مؤسستنا نحو التنمية المستدامة والتقدم العلمي.